الثاني عشر من مارس 2020، يومٌ غيّر وجه الحياة بشكل عام في كل دول العالم دون استثناء، يومَ أعلنت منظمة الصحة العالمية ان فيروس كورونا أصبح وباءً عالمياً، ودعت العالم أجمع للتحضر من أجل مواجهته.
يرزح العالم اليوم تحت وطاة هذا الفيروس القاتل، ويلتزم مئات الملاين من الناس – إن لم يكن المليارات – منازلهم، منتظرين خلف شاشات التلفاز، وخلف شاشات هواتفهم الذكية ما ستؤول إليه الأمور، وكيف سينتهي هذا الكابوس.
وفي هذه الظروف الاستثنائية، تقدّم وسائل التواصل الاجتماعي نفسها كنافذة لاستجابتنا الجماعية لتفشي الفيروس التاجي المستجد، وتلعب دوراً أساسياً في تشكيل ردود أفعالنا أمام هذه الأزمة. فمع انتشار COVID-19 أو ما يعرف بفيروس كورونا في الولايات المتحدة، فإن منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، تسهل وصول بعض المعلومات المهمة للناس حول الفيروس وطريقة الوقاية منه، ولكنها تسمح في نفس الوقت بانتشار الشائعات والمعلومات الخاطئة التيي قد تزيد من نسب الخوف وقد تؤدي إلى نتائج كارثية في حال تصديقها أو العمل بها. علاوة على ذلك، يمكن أن تمنحنا المعلومات الكثيرة التي أصبحت في متناولنا من خلال مواقع التواصل الإجتماعي، القدرة على اتخاذ قرارات ذكية خلال هذه الفترة، ولكنها أيضًا قد تجعلنا أكثر قلقًا حيال الأيام القادمة، كما يقول الخبراء.
وجهة النظر المتفائلة هي أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تثبت فائدتها في وقت يتم فيه عزل مئات ملايين الناس عن بعضهم البعض. حيث يقول جيف هانكوك، أستاذ الاتصالات في جامعة ستانفورد ومدير مختبر ستانفورد الاجتماعي لوسائل الإعلام، إن المحادثات حول الفيروس التاجي، وخاصة تلك التي تحدث على مستوى المجتمع، يمكن أن تساعدنا على تجاوز هذه الأزمة.
ويقول هانكوك إن هذه المناقشات “تعكس كيف يفكر المجتمع ويتفاعل مع الأزمة .. فهذه الوسائل تسمح للأفراد بالتحدث والتفاعل حيال تهديدٍ غير مسبوق لم يشعروا به من قبل”.
وقد تساعد وسائل التواصل العلماء وخبراء الصحة العامة وغيرهم من المتخصصين بالوصول بشكل مباشر وسريع إلى الجمهور ومناقشة البحوث والدراسات الحديثة حول الفيروس وإعطاء النصائح الضرورية وطمأنة الناس، كما يمكنها مساعدة قادة المجتمع والمؤثرين لتشكيل شبكات من المتطوعين والمتبرعين من أجل مساعدة الفقراء والضعفاء الذين يحتاجون الدعم من أجل الصمود في هذه المرحلة.
ولكن مقابل كل خبير وطبيب وعالم يحاول مشاركة معلومات دقيقة أو قائد مجتمع ومؤثر يحاول مساعدة الأخرين، هناك الآلاف من المستخدمين الذين ينشرون الشائعات والأخبار التي ترفع من نسب الخوف والمعلومات المضللة.
يقول دانييل روجرز، الأستاذ المساعد في جامعة نيويورك والمؤسس المشارك لمؤشر التضليل العالمي The Global Disinformation Index، الذي يعمل على تحديد مواجهة مصادر المعلومات الكاذبة على الإنترنت: “إن المحتوى الصادم أو المشحون عاطفياً بشكل جيد، هو الأكثر جذباً للناس بغض النظر عن صحته أو دقّته”. وهذا ما يفسّر نسبة الخوف الكبيرة التي تنتاب عدداً كبيراً من الأشخاص حول العالم حيال فيروس كورونا، وتدفعهم أحياناً نحو ممارسات خاطئة قد تشكّل خطراً عليهم او على المجتمع.
ويكمل روجرز “منصات وسائل التواصل الاجتماعي اتخذت اجراءات كثيرة لمكافحة مكافحة التضليل والمعلومات الخاطئة حول الفيروس التاجي المستجد، حيث تحاول الإشراف على المحتوى للتقليل من الأخبار الكاذبة والشائعات. ولكن حتى هذه الجهود غير كافية، فهي شبيهة بلعبة “أضرب الخلد”، حيث لا يمكن السيطرة بسهولة على هذا الأمر خاصة ان المحتوى المضلل ينتشر بشكل أسرع مما تستطيع هذه المنصات محاربته”.
يؤكد الخبراء أن وسائل التواصل الاجتماعي تعمل بالفعل على تغيير الطريقة التي ينظر بها المجتمع أو يستجيب لكل ما يتعلق بـ “COVID-19″، حيث يقول سانتوش فيجايكومار، باحث اتصالات الصحة والمخاطر في جامعة نورثمبريا، أن البشر يتلقّون الإشارات من بشر آخرين وبالتالي سيكونون أكثر عرضة للشعور بالذعر أو الخوف من جهة أو أقل شعوراً بالمسؤولية من جهة أخرى. فالحديث مثلا عن معقمات اليدين ولفافات الورق وأهمية استخدامها .. ونشر الإشاعات حول إمكانية نفاذها، شكّل ذعراً في الكثير من المجتمعات، ودفع الأفراد للتهافت وشراء كميات كبيرة هم ليسوا بحاجة لها… وفي الجانب الآخر فإن الأشخاص الذين يرون صوراً أو مقاطع فيديو لأصدقائهم على انستجرام خارج المنزل متجاهلين الدعوة لممارسة “التباعد الاجتماعي” ، قد يكونون أكثر عرضة للخروج أيضًا وتعريض حياتهم وحياة الآخرين للخطر.
في النهاية تقع مسؤولية كبيرة على كلّ فردٍ منّا خلال هذه الفترة الصعبة، وتبدأ من الالتزام بالقرارات والتعليمات التي تصدر عن الجهات المختصة والخبراء، والتصرف بمسؤولية تجاه عائلاتنا وأحبائنا، وتجاه المجتمع، وتنتهي بالبحث دائماً عن المعلومة الصحيحة وعدم تصديق كافة الأخبار التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بدون أي مصادر موثوقة.
كونوا بأمان!